كتبت: أسماء شهاوي
اختفت “مريم” ذات الخمس سنوات داخل غرفتها لساعات، فشعرت الجدة بالقلق وقالت للأم: أين مريم ولماذا غابت كل هذه الساعات؟
فجأة أطلّت عليهم مريم بمظهر عجيب؛ حيث كانت ترتدي معطف والدتها الطبيبة ممسكةً بدميتها عليها بعضٍ من آثار اللون الأحمر، وقالت ضاحكة: أنا طبيبة مثلك يا أمي.
اندهشت الجدة وضحكت بشدة، فقالت الأم: دعيها تلعب أماه، فقد قرأت بالأمس عن لعب الأدوار للأطفال وأهميته في تنمية مهاراتهم.
دعيني أخبرك بما تعلمت.
ما استراتيجية لعب الأدوار للأطفال؟
هي أحد طرق اللعب والتعلُّم؛ حيث يحاكي الطفل شخصيات حقيقية. مثل: الطبيب والمهندس والضابط أو دور الوالد والوالدة، أو شخصيات أخرى خيالية مثل: أبطال الروايات وأفلام الرسوم المتحركة.
ويشمل لعب الأدوار للأطفال أيضًا تمثيل موقف حياتي معيَّن. حيث يعيش اللاعبون تفاصيل الموقف وتمسهم مشاعره، ويتعاملون كما لو كانوا في هذا الحدث.
يقول الروائي الأمريكي لويد ألكسندر: “الخيال ليس هروب من الحقيقة؛ إنه وسيلة للفهم”. ويقول الفيزيائي الألماني ألبرت آينيشتاين: “المنطق سوف يقودك من الألف للياء، لكن التخيُّل يقودك في كل اتجاه”.
لذلك استراتيجية تمثيل الأدوار لها الكثير من الفوائد في تربية الأطفال وتعليمهم القيم المختلفة، فما يتعلمه الطفل باللعب يعيش معه أكثر من أي شيء آخر.
أهمية لعب الأدوار للأطفال
يعزز لعب الأدوار للأطفال العديد من المهارات المطلوبة لينمو الطفل نموًا نفسيًا صحيًا. حيث يشعل خيال الطفل ويحفز الكثير من مهارات التواصل وحل المشكلات ويشعره بالتعاطف مع الأشخاص الذين يضع نفسه مكانهم في اللعب.
ينمي لعب الأدوار كلاً من:
- مهارات التخيُّل والإبداع:
يسبح الطفل في خياله ليرسم سيناريو اللعبة ويحبك تفاصيلها. فتجده ينطلق يمينًا ويسارًا بين ألعابه؛ يجمع قطعة من هنا وأخرى من هناك ليكوِّن قصته ويعيش بين أحداثها.
تجده مثلًا يستخدم كرسي مقلوب كسيارة، وغطاء بلاستيكي كهاتف، وكل هذه التفاصيل تساعده في المستقبل على الإبداع وإيجاد مخرج لأي عائق يواجهه.
- مهارات حل المشكلات:
تقابل الطفل العديد من العقبات في أثناء اللعب. فيجتهد لإيجاد الحل حتى يكتمل السيناريو ويستمتع لأطول وقت ممكن، وهذا سوف ينعكس عليه مستقبلًا، فلا ييأس سريعًا، ويتعلم أن لكل مشكلة حل.
- مهارات التعبير اللغوي والتواصل الاجتماعي:
يحتاج لعب الأدوار للأطفال الكثير من مهارات التواصل حتى تستطيع مجموعة منهم الوصول إلى قصة ممتعة يعيشونها باللعب، تجد أحدهم يفكر لنفعل كذا والآخر يرد عليه لما لا نفعل كذا، ويتعاونون في بناء مسرح اللعب وجمع الأدوات وحبك القصة.
- مهارات الإقناع والتعبير عن الذات:
يحتاج الطفل في أثناء لعب الأدوار جماعيًا أن يعبر عن أفكاره ويقنع بها شركاءه في اللعب. ولا شك أنها من المهارات الهامة جدًا التي يحتاجها في الكبر لينجح.
- مهارات التعاطف والشعور بالآخرين:
حين يلعب الطفل دور النادل في المطعم مثلا، سيعلمه ذلك احترام الآخر وتقدير الأعمال والمهن المختلفة. كذلك حين يلعب دور الطبيب سيحاكي لحظات القلق التي يشعر بها في أثناء إنقاذ المريض، ولا شك أن ذلك هام لنشأة طفل يقدر غيره.
- اكتشاف البيئة:
إن كان الطفل يلعب في الحديقة أو على الشاطئ مثلًا، فسيتعامل مع عناصر البيئة المختلفة ويشعر بها وتنمي حواسه.
- التعرف على الوظائف المختلفة:
لعب الأدوار للأطفال على شكل وظائف يفتح أفقه على ما يمكن أن يتخذه مجالًا له فيما بعد. ويساعد والديه على اكتشاف شغفه وإمداده بالعلوم المناسبة، وتشجيعه على تطوير ذاته.
- نشاط الجسم والعقل:
يتحرك الطفل خلال اللعب ويستخدم عضلاته وعقله لتنفيذ اللعبة. وهذا يفيده كثيرًا ويشغله عن الانتباه للشاشات التي تعرضه لأضرار تعد ولا تحصى.
أمثلة على استراتيجية لعب الأدوار
تشجيع الطفل على استراتيجية لعب الأدوار يكون بتوفير بيئة آمنة غنية بالعناصر التي تحفّز خياله.
بإعادة تدوير بعض مخلفات المنزل مثل: العلب البلاستيكية والبكرات الكرتونية نستطيع صُنع أدوات لعب مبتكرة.
وتوجد العديد من السيناريوهات التي نستطيع تهيئتها ليستمتع الطفل بوقتٍ ثري، كما يمكننا مشاركة الأوقات الممتعة سويًا، فيشعر الطفل بقرب والديه وحبهما له، فلغة اللعب عند الأطفال لا تعادلها لغة.
وتوجد العديد من الأمثلة لاستراتيجية لعب الأدوار، مثلا:
يصنع الطفل الحلوى والكعك باستخدام عجينة اللعب، ويُحاكي دور البائع حيث يحاول بيعها لأفراد الأسرة مما ينمّي مهارات التفاوض والبيع والشراء.
أو يحاكي الطفل دور الطبيب فيقدم الرعاية الطبية لدُماه، ويشعر بالمسئولية عن رعايتهم، وهناك الكثير والكثير من الأمثلة، فقط أطلق لخيال طفلك العنان، وأجعله يستمتع.
استراتيجية تمثيل الأدوار للكبار
لعب وتمثيل الأدوار ليس حكرًا على الأطفال الصغار ولا يُستخدم لمجرد اللهو، حيث إنها وسيلة تربوية ممتازة مع طلاب المدرسة أو حتى بين الموظفين.
فكرتها الأساسية تدور حول تبادل الأدوار أو تمثيل موقف معين، مما يساعد على شعور الزملاء بالتعاطف تجاه بعضهم البعض وفهم المواقف بوجهة نظر أخرى.
تساعد استراتيجية تمثيل الأدوار في الصف الدراسي في شعور الطلاب بالمواقف بشكل أفضل.
يفهمون سبب اختلاف الناس بشدة في كثير من الأحيان حول موضوع معين، عندما تختلف قيمهم الشخصية ومعتقداتهم وخلفياتهم الاجتماعية أو الثقافية.
كما تُستخدم هذه الاستراتيجية في بعض الأحيان بين زملاء العمل، ليشعر كل منهم بمسئوليات الطرف الآخر ويقدِّر جهوده.
عيوب استراتيجية لعب الأدوار
قد لا يسير الموقف بمثالية كما نتوقع، فيمكن للشعور بالخجل أن يحول دون قيام بعض أطراف اللعبة بدوره، أو يشعر الطفل بالقلق حيال ما سيقوله الآخرون عنه بدلًا من كيفية حل الموقف، فتفقد اللعبة هدفها.
كما يحتاج الأمر لكثير من النظام، حيث يتصرف بعض الأطفال بسخافة حين يفقدون الاهتمام بالأمر أو تسيطر عليهم مشاعر الغيرة، مما يؤدي إلى سلوكيات غير لائقة.
حتى تنجح استراتيجية لعب الأدوار يجب إعطاء الخطة وقتها الكافي لتُعد بطريقة مناسبة لكل الأطراف وتُحقق هدفها المرجو.
المصادر: