كتبت: مها طــه
عادةً ما يعاني الأطفال مشكلات صحية مختلفة، وخاصةً في عامهم الأول، حيث يزداد قلق الأمهات مع كل عرض أو مشكلة تطفو على السطح. وعلى الرغم من قلق الأمهات -المفرط أحيانًا- تكون أغلب هذه المشكلات بسيطة للغاية ولا تستدعي الخوف إطلاقًا.
لكن وعلى النقيض، قد تبدو بعض المشكلات الصحية بسيطة، ولكنها في الواقع تمثل خطرًا ما لم نتدخل سريعًا لعلاجها، ومنها حالات الفتق الأربي عند الأطفال. هنا نحاول الإجابة على أهم تساؤلاتِك كأم.
أسباب الفتق الأربي عند الأطفال؟
طبيًا، الفتق هو تسرب جزء من الأمعاء من خلال منطقة ضعيفة في عضلات البطن. يظهر الفتق على شكل انتفاخ تحت الجلد، وتبعًا لمنطقة ظهور الفتق يكون نوعه. إذا ظهر الفتق في البطن كان فتق سري، وإذا ظهر في المنطقة الأربية (بين الفخذ والعانة) سميّ بالأربي.
في مرحلة التكوين الجنيني للذكور، تكون الخصيتان داخل تجويف البطن، ثم وقرب موعد الولادة، تنتقلان إلى كيس الصفن عبر القناة الأربية الموجودة في المنطقة بين الفخذ والعانة، وبعد الولادة بوقتٍ قصير، تنغلق هذه القناة؛ لمنع الخصيتين من العودة إلى البطن مرة أخرى.
في بعض الحالات، لا تنغلق هذه القناة بشكلٍ كامل، فتخلِف ضعفًا في عضلات البطن، تبرز منه الأمعاء، ويظهر الفتق الأربي عند الأطفال الذكور.
يجدر الإشارة إلى أن الفتق الأربي لا يظهر حصرًا في الأطفال الذكور، ولكن يمكن أيضًا أن يظهر في الإناث ولكن بنسبة أقل، ولا تختلف بينهما الأسباب ولا الأعراض.
عوامل تزيد من خطر الإصابة بالفتق الأربي عند الأطفال
يعد الفتق الأربي من المشكلات الصحية غير الشائعة بين الأطفال، حيث تظهر في 2 % فقط من الأطفال، أغلبهم من الذكور، ولكن هناك بعض العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة بالفتق الأربي مثل:
- أن يكون الطفل مبتسرًا
- حالات الإمساك المزمن
- أن تكون الخصية معلقة
- مشكلات المسالك البولية
- العامل الوراثي
أنواع الفتق الأربي عند الأطفال
يختلف نوع الفتق الأربي باختلاف استجابة الفتق للضغط عليه، فينقسم لنوعان:
- الفتق المُختزَل:
يستجيب الفتق المُختزَل للضغط عليه، بحيث تعود الأمعاء إلى موقعها داخل البطن. حتى إن عادت للبروز، يمكن الضغط عليه مرة أخرى. يعد هذا النوع من الفتق غير مؤلم، حتى وإن تسبب في شعور غير مريح للطفل في بعض الأحيان.
يجب على الأم متابعة حالة الفتق المختزل من وقتِ لآخر، والتواصل مع طبيب الأطفال خوفًا من تحوله إلى فتق مختنق.
- الفتق المُختنِق:
أما عن الفتق المُختنِق، فهو حالة خطيرة، تستدعي التدخل الطبي العاجل، ويصعُب فيها إعادة الأمعاء داخل البطن. فتكون الأمعاء مُختنِقة بنسيج البطن، ولا يصلها الإمداد الدموي الكافي للقيام بكافة وظائفها الحيوية المتعلقة بالهضم.
وكنتيجة لهذا الاختناق يتأثر الهضم بشدة، فتظهر على الطفل أعراض مؤلمة وغير مريحة، مثل الإمساك أو سوء الهضم أو التقيؤ. فيعاني الطفل كثيرًا في هذه الحالة.
هل العملية الجراحية هي الحل الأمثل؟
على الرغم من أن الفتق المُختزَل لا يُعد خطيرًا، إلا أن هذا النوع – كغيره – لا يمكن أن يلتئم بمرور الوقت، ومع القلق من تحوله للنوع المُختنِق، يصبح التدخل الجراحي حلًا وقائيًا لمنع تفاقُم المشكلة.
أما في حالات الفتق المُختنِق، وبمجرد تشخيص الطفل من قبل الطبيب المعالج، يجب تحديد موعد العملية وفقًا لحالته الصحية وعمره، وذلك لحماية الأمعاء والخصيتين من حدوث ضررٍ مُحتمل يُمكن أن يؤثر على الطفل طوال حياته.
عادةً ما تكون جراحة الفتق من جراحات اليوم الواحد، التي لا تتطلب المبيت في المستشفى بعد العملية، إلا في حالات قليلة يقرر فيها الطبيب بقاء الطفل تحت الملاحظة، كما في حالة حديثو الولادة (أصغر من 6 أسابيع).
مضاعفات عملية الفتق الإربي عند الأطفال
نادرًا ما تحدُث مضاعفات عقب العملية، ولكنها قد تشمل:
1- إصابة الخصية، ما قد يؤثر على حجمها مستقبلًا.
2- حدوث تلف في الوعاء الناقل للحيوانات المنوية.
3- حدوث تلف في الأعصاب المحيطة بالفتق، ما يُسبب الشعور بالتنميل.
لذلك، عند ملاحظة أي حالة طارئة على الطفل بعد العملية، كارتفاع في درجة الحرارة، أو تورم منطقة الجرح، أو غيرهما، يجب الاتصال بالطبيب فورًا.
نصائح بعد عملية الفتق الإربي للاطفال
عادةً ما يتماثل الطفل للشفاء في غضون أسبوع من العملية، لكن يجب اتباع بعض التعليمات لتجنب المضاعفات المحتملة بعد العملية الجراحية، وهي:
1- في حالة الرُضع، يجب الحرص على تغيير الحفاضات باستمرار لمنع التلوث الجرح بالفضلات.
2- الحفاظ على مواعيد وجرعات المضادات الحيوية والمُسكنات.
3- أخذ الطفل في تمشية بسيطة داخل المنزل أو حوله.
4- الحرص على راحة الطفل وتغذيته جيدًا.
وأخيرًا، يُعد الفتق الأربي مشكلة صحية شائعة ويمكن علاجها بسهولة، فلا داعي للقلق، كل ما عليكِ هو التوجه للطبيب، للكشف والاطمئنان، ومتابعة تطورات الحالة والتدخل في الوقت المناسب.
المصادر: