الإجهاض التلقائي | كيف فقدت جنيني؟!

كتبت: د. تقى خالد

لم يمر سوى شهران على معرفتي بحملي وبداية تكوين هذا الصغير الذي استقرّت محبَته في قلبي وشَغل كل تفكيري، لكن للأسف، لم تكتمل فرحتي بهذا الصغير…مررت بتجربة قاسية عندما فقدت هذا الصغير وفقدت معه جزء من قلبي…

لماذا لم يستطع صغيري إكمال نموه داخل رحمي؟ لماذا رفض جسمي أن يحتضن فلذة كبدي؟

أشعر بالذنب لأني لم أستطع أن أوفر لصغيري الملاذ الآمن…كيف يمكنني السيطرة على تلك الأفكار التي تراودني؟!

اطمئني-عزيزتي-؛ فحدوث الإجهاض التلقائي أمر شائع بين النساء ولا يعني بالضرورة أن لديكِ مشكلة، ولا يعني أيضًا أنه لا يمكنك الحمل مرة أخرى وإنجاب طفل سليم مُعافى.

في السطور القادمة، سنعرض لكِ كل ما تودين معرفته عن الإجهاض التلقائي؛ أسبابه وأعراضه وكيفية التعافي من تلك التجربة في أسرع وقت.

أقرأي أيضًا: نقص ماء الجنين (السائل الأمنيوسي) | مشكلة تهدد الحمل

تعريف الإجهاض التلقائي

الإجهاض التلقائي أو إسقاط الحمل هو فقدان الجنين قبل الأسبوع العشرين من فترة الحمل، لكن معظم الحالات تحدث قبل الأسبوع الثاني عشر.

تنتهي 10-20% من حالات الحمل المعروفة بالإجهاض التلقائي، لكن هذه النسبة قد تزيد في الحقيقة عن ذلك بسبب حدوث الإجهاض في وقت مبكر خلال الحمل، حتى أنه في بعض الحالات لا تكتشف الأم حملها إلا عند حدوث الإجهاض.

أسباب الإجهاض التلقائي

بالتأكيد سيطرق ذهنك سؤال: كيف يحدث الإجهاض التلقائي؟ ما الذي قد يتسبب في حدوثه؟

إليكِ بعض الأسباب:

أسباب خاصة بالجنين

شذوذ في الكروموسومات الخاصة بالجنين، وهو السبب الأكثر شيوعًا، وغالبًا ما يحدث بالصدفة عند انقسام الجنين ونموه، وليس بسبب موروث عن الأب أو الأم.

أسباب خاصة بالأم

في بعض الحالات، قد تكون حالة الأم الصحية هي السبب وراء حدوث الإجهاض، مثل:

حدوث عدوى في أثناء الحمل.
إذا كانت الأم تعاني مرض السكّري؛ فالتغيرات الحادة في مستوى السكر في الدم سواء بالارتفاع أو الانخفاض تشكل خطرًا على الأم والجنين.
الاضطرابات الهرمونية.
مشكلات في الرحم أو في عنق الرحم.
أمراض الغدّة الدرقية.

معتقدات خاطئة عن مُسبِبات الإجهاض التلقائي

يعتقد البعض خطئّا أن بعض الممارسات والعادات اليومية قد تتسبب في حدوث الإجهاض، إليكِ بعضها:

الأنشطة التالية لا تسبب الإجهاض -ما لم يمنعك عنها طبيبك الخاص-:

ممارسة الرياضة.
العلاقة الحميمية.
العمل، ما لم تكوني تتعرضين لمواد ضارة أو لضغط نفسي زائد أو مجهود بدني عنيف يضركِ ويضر جنينك.

عوامل الخطورة

تزداد احتمالية حدوث الإجهاض عند:

ازدياد عمر الأم عن 35 سنة يجعلها أكثر عرضة للإجهاض من النساء الأصغر سنًا.
الأمراض المزمنة لدى الأم، ما لم يؤخَذ العلاج المناسب لخفض حدّة تلك الأمراض والسيطرة عليها، مثل: داء السكّري وارتفاع ضغط الدم.
الوزن: السمنة والنحافة كلاهما يزيد من احتمالية حدوث الإجهاض.
التدخين.
تناول الكحوليات.

أعراض الإجهاض التلقائي

إذا كنت تعانين الأعراض الآتية، فعليك الاتصال بطبيبك الخاص في أسرع وقت حتى يخبرك بالتصرف المناسب.

نزيف مهبلي يبدأ خفيفًا وتشتد كثافته مع الوقت.
تقلصات البطن.
الشعور بألم شديد في أسفل الظهر.
خروج السوائل أو الأنسجة الجنينية من المهبل.

نزيف ما بعد الإجهاض

تختلف مدة وكثافة نزيف ما بعد الإجهاض من امرأة لأخرى، ولكن عمومًا، يبدأ النزيف خفيفًا وتزداد كثافته مع اتساع عنق الرحم ليبلغ أقصى حدَّته خلال 3-5 ساعات منذ بدايته، ثم تخف حدته مرة أخرى.

قد يستمر النزيف الخفيف بعد الإجهاض لمدة أسبوع أو اثنين، لكن طبيبك الخاص يمكنه أن يعطيك بعض الأدوية التي تُسَّرع هذه العملية.

يختلف لون الدم باختلاف العديد من العوامل التي تؤدي إلي ظهور تدرجات لونية؛ فقد يكون الدم ورديًا أو أحمر أو يميل إلى اللون البني، كذلك قد تظهر بعض التكتلات البنية التي تميل إلى اللون الأسود.

مضاعفات الإجهاض التلقائي

اكتئاب ما بعد الإجهاض

قد يتسبب الإجهاض في حدوث اكتئاب لدي السيدات والرجال، إلّا أن الرجال يتعافون منه بشكل أسرع.

إليكِ بعض الأعراض التي قد تلاحظينها:

اضطرابات في النوم.
الإرهاق الدائم.
التهيّج الشديد.
التقلبات المزاجية الحادة.
اضطرابات في الشهيّة.
التفكير الدائم في الموت والانتحار.

النزيف الشديد

من الممكن أن يتسبب الإجهاض في حدوث نزيف شديد قد يعرض حياة الأم للخطر. إذا لاحظتِ أن الدم المفقود يملأ الفوطة الصحية الخاصة بكِ في أقل من ساعتين، فعليكِ استشارة طبيبك الخاص على الفور.

متلازمة آشرمان

تتضمن متلازمة آشرمان حدوث التصاقات في الرحم واضطرابات في الدورة الشهرية قد تصل إلى انقطاعها.

حدوث عدوى

قد تحدث العدوى نتيجة بقاء بعض الأنسجة الجنينية داخل الرحم، وقد تسبب تلك العدوى ارتفاعًا في درجة الحرارة مع وجود بعض التقلصات والإفرازات المهبلية كريهة الرائحة.

الوقاية من الإجهاض التلقائي

لسوء الحظ، ليس هناك ما يمكنك فعله لتجنب الإجهاض بشكل مطلق، لكن هناك بعض النصائح التي يمكنك اتّباعها:

احرصي على إجراء الأشعة والفحوص الدورية التي يطلبها منك الطبيب المُختص.
تجنبي مُسببات الإجهاض المعروفة مثل التدخين.
احرصي على أخذ المُكملات الغذائية المناسبة.
الحد من شرب الكافيين؛ حيث أثبتت الدراسات الحديثة أن تناول أكثر من فنجانين من المشروبات التي تحتوي على مادة الكافيين يزيد من احتمالية حدوث الإجهاض التلقائي.

الحمل بعد الإجهاض

يمكنك الحمل بعد الإجهاض بفترة قصيرة (أسبوعين)، لكن:

تجنبي العلاقة الحميمية بعد الإجهاض لمدة أسبوعين لتقليل احتمالية حدوث عدوى.
استشيري طبيبك الخاص عن الوقت المناسب لبدء محاولة الحمل.
تأكدي من تعافيكِ واستعدادك البدني والنفسي للحمل مرة أخرى.

التعافي من الإجهاض التلقائي

التعافي الجسدي

قد يتطلب التعافي الجسدي الكامل من الإجهاض التلقائي شهرًا أو شهرين، وقد يستغرق الأمر 4-6 أسابيع حتى تبدأ الدورة الشهرية مرة أخرى.

قد يطلب طبيبك الخاص إجراء عملية توسيع وكشط الرحم (Dilation and Curettage) لإزالة الأنسجة الجنينية المتبقية داخل الرحم؛ لخفض احتمالية حدوث بعض مضاعفات الإجهاض التلقائي، مثل: النزيف الحاد والعدوى.

التعافي النفسي:

الإجهاض التلقائي تجربة قاسية قد تتطلب بعض الوقت للتعافي النفسي الكامل منها، إليكِ بعض الطرق التي ستساعدك على تخطي تلك الفترة بشكل أسرع:

اللجوء إلى الطبيب / الاختصاصي النفسي الذي سيساعدك في تخطي الأفكار التي تراودك؛ كذلك قد يعطيك بعض مضادات الاكتئاب المناسبة إذا تطّلب الأمر ذلك.
اتّباع نظام غذائي صحي.
الحصول على قسط كاف من النوم.
طلب الدعم من المُقرّبين والنساء الأخريات اللاتي خُضن هذه التجربة من قبل.
العلاج المعرفي السلوكي (Cognitive Behavioral Therapy)

أخيرًا،

مع أن الإجهاض التلقائي أمر شائع نسبيًا، إلّا أن ذلك لا يجعله أمرًا سهلًا. ولتخطي تلك التجربة، اجعلي أولى اهتماماتك هي التعافي السريع والحصول على الدعم المناسب ممن حولك وتذّكري دائمًا أن الإجهاض ليس نهاية المطاف.

المصادر: