كتبت: أسماء شهاوي
التحرش بالأطفال ناقوس خطر يدق بكل بيت. حيث سمعنا في الفترة الأخيرة عن عشرات بل مئات حالات التحرش الجنسي بأطفال، ونكاد نجزم أن جميعهم تضرروا بشدة، وربما انتهت الحادثة بما هو أسوء، وأودت بحياة بعض الأطفال.
هذه الجريمة الشنعاء التي أصبح من أدق واجبات كل مُربي حماية أطفاله منها، ولكن هل يمكن أن يتسبب المربي نفسه في تعرُّض طفله للتحرش؟!
أصلًا؛ ما معنى التحرش؟ وهل الملامسة الجسدية هي صورته الوحيدة؟!
دعونا نعرف في السطور التالية -بشكل مختصر قدر المستطاع- عن ماهية التحرش بالأطفال وصوره وأشهر أخطاء التربية التي تجعله أكثر عرضة للمنحرفين.
ما التحرش بالأطفال
يشمل كل ما يخدش براءة الطفل النفسية، ويعرضه لمعلومات وخبرات تفوق سنه أو تنتهك خصوصية جسده.
وتتراوح شدة الجريمة من خدش سماع أو بصر الطفل بألفاظ أو مشاهد جنسية، إلى التعدي عليه جسديًا بلمسة غير مرغوبة أو اغتصاب كامل.
صور التحرش الجنسي بطفل
- سماع كلمات جنسية بقصد أو دون قصد:
قد يلجأ المتحرش إلى إسماع الطفل حوار جنسي أو بعض كلمات، وقد تكون هذه أحد المراحل المبكرة لاستدراج الطفل لفعل أكبر.
وقد يكون دون قصد مباشر مثل تعرض الطفل لكلمات بذيئة في مشهد تليفزيوني أو أغنية. وما أكثر الكلمات الجنسية الصريحة في بعض “المهرجانات” التي يسمعها الأطفال اليوم بكل أريحية دون أن يشعر الآباء بخطر. - تعرض الطفل لمشاهد جنسية:
تتراوح درجة هذه الجريمة بداية من المشاهد الخارجة في فيلم أو مسلسل أو فيديو كليب، فيجب تفنيد ما تشاهده مع أطفالك جيدًا.
كما يتعرض أطفالنا اليوم لنوع أشد إجرامًا من التحرش خلال إعلانات الرسوم المتحركة البذيئة، التي تظهر في ألعاب الفيديو أو مشاهد غير لائقة ببعض أفلام الرسوم المتحركة.
تصل درجة التحرش البصري إلى تعمد المتحرش جعل الطفل يشاهد أفلام جنسية أو جعله يشاهد أعضاء المتحرش الجنسية. وينبغي التأكيد على أن التهاون في الدرجات الصغيرة من خدش حياء الطفل يجعله فريسة سهلة للمتحرشين.
- ملامسة الطفل بشكل جنسي:
تشمل هذه الجريمة لمس جسد الطفل وأعضائه التناسلية، أو جعله يلمس أعضاء المتحرش. - التحرش الإلكتروني:
“هل يمكنك تصوير جسدك لي” كم سمعنا مثل هذه الحوادث لأطفال يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي دون رقابة من الآباء.
والعديد من الأفعال التي يندى لها الجبين ويمارسها المجرمين على أطفال أبرياء لا يعوا شيئًا من هذه الجرائم.
أسباب تعرض الطفل للتحرش الجنسي
البحث عن أسباب أي مشكلة هو أول خطوات حلها، والوقاية خيرٌ من العلاج.
الحد من التحرش الجنسي بالأطفال لن يحدث إلا عندما نعي كآباء وعيًا تامًا بالأسباب. و نتلافاها فعلًا وليس فقط بالكلام، فلا يجب أن نتعامل مع الأمر وكأنه بعيد عنا.
وإليكم بعض الوسائل التي تسهل مهمة المتحرش:
أولًا: انفراد المتحرش بالطفل
- التساهل في وجود الطفل وحيدًا مع البالغين سواء كانوا أقارب أو غرباء دون تحري الثقة التامة بهم.
- السماح للطفل بالتواجد وحده مع شخص ما لفترات طويلة دون رقابة، مثل الخادمة أو سائق السيارة أو مدرس خاص.
- التساهل في خروج الطفل للشارع وحده دون توعيته بدقة حول وسائل الدفاع عن نفسه وطرق التعامل في حالات الطوارئ.
- عدم تعريف الطفل بأعضائه التناسلية، وتوعيته بخصوصية جسده وأنه ليس من حق أي أحد انتهاكه.
- عدم توعية الطفل بالفرق بين “اللمسة الجيدة” و”اللمسة السيئة” يجعله فريسة لبعض المدربين الرياضيين المنحرفين، خاصةً في الألعاب التي تتطلب مسك جسد الطفل لتعليمه حركة رياضية ما. مثل السباحة والجمباز.
ثانيًا: عدم الانتباه لما يتعرض له الطفل
- تعريض الطفل لمشاهد جنسية بالتليفزيون أو وجوده في أماكن غير مناسبة لسنه. أو حتى عدم مراعاة الأبوين لوجود الطفل في أوقاتهم الحميمة.
- التساهل في جلوس الطفل مجالس الكبار التي يتحدثون بها بإيحاءات أو كلمات جنسية صريحة.
- عدم الانتباه للعب الطفل مع الأطفال الآخرين. فكم من كوارث حدثت بسبب لعبة “الطبيب والمريض” التي يكشف فيها الأطفال أجساد بعضهم، أو لعبة “عريس وعروسة”.
- ترك الحبل على غاربه للطفل والشاشات مما قد يعرضه لإعلانات فاضحة. مثلا في أثناء اللعب، فيجب تحديد المواد التي يشاهدها الطفل مسبقًا، وتقنين وقت الشاشات والتركيز مع الطفل عند استخدامه لها.
- ترك الطفل ينشئ حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي دون رقابة. ما يتركه فريسة للتحرش الإلكتروني، الذي قد يضع الطفل تحت طائلة الابتزاز، وقد لا يرى الطفل مخرجًا وقتها سوى الانتحار خوفًا من فعلٍ لم يرتكبه من الأصل.
أخطاء تربوية تسهل تعرُّض الطفل للتحرش
يعتمد بعض الآباء أساليب تربوية خاطئة تؤدي إلى عدم تفاعل الطفل بشكل صحيح مع التعديات الجنسية التي يمكن أن يتعرض لها من قِبل المتحرش.
امتهان جسد الطفل بالضرب هو أخطر هذه الأساليب، فذلك يعطي إشارة للطفل أن جسده مستباح ومن حق أي شخص التعدي عليه دون الشعور بالذنب، فالضرب لا يؤذي الطفل جسديًا فقط لكنه يكسره نفسيًا.
الحجر أيضًا على الآراء وعدم إنشاء جسر حوار مع الطفل؛ يخلق انهزامًا نفسيًا لديه، فكلمات مثل “اسمع كلام الكبار” دون إعطاء الحق للطفل في مناقشة ما يقوله هؤلاء الكبار، يجعله سهل الانقياد.
لو كنت تريد انقياد الطفل لك كمُربي؛ فاحذر! فالعالم لن يخاف على طفلك مثلك بل سيستغل انقياده أسوأ استغلال.
عدم احترام رغبة الطفل أيضًا مثل إجباره على الجلوس مع شخص ما أو السلام عليه أو تقبيله، يجعله يقبل التحرش به بسهولة.
“ابق الأمر سرًا” هي أحد أخطر الكلمات التي يعتمدها المتحرش كوسيلة للسيطرة على الطفل وجعله ضحية متكررة، فاجعل طفلك يتكلم معك بكل شيء دون خوف ولا يبقي الأمر سرًا.
كذلك عدم تربية الطفل جنسيًا منذ الصغر والجهل بهذه الأمور يجعله فريسة سهلة للتحرش.
“تربية الطفل جنسيًا” يا له من مصطلح غريب وشائك، هل تعلمون الفرق بين “التوعية الجنسية” و “التربية الجنسية”. دعونا نفرد لهذه الفكرة مقالًا آخر، ونرجو أن تكونوا قد استفدتم بالأفكار المطروحة بهذا المقال.
أقرأي أيضًا: التحرش الجنسي بالأطفال | الفرق بين التوعية والتربية الجنسية للأطفال
ما نهدف إليه جميعا كمُربين هو التصدي للكوارث قبل حدوثها، ومحاولة تجنب الأخطاء المؤدية إليها، لنكون قد قمنا بواجبنا الأبوي تجاه أبنائنا؛ منحة الله إلينا.
المصادر:
One comment
Pingback: التحرش الجنسي بالأطفال | الفرق بين التوعية والتربية الجنسية للأطفال - Mothers Comfort Zone