كتبت: د. أميرة إبراهيم
تخاف الأم كثيرا على مولودها الصغير من أي مشكلة يمكن أن يتعرض لها وأهمها المشكلات الصحية. أول ما يمكن أن يتعرض له صغيرها هو الصفراء. ماهي أسبابها؟ وكيف يمكن علاج الصفراء عند حديث الولادة؟ هذا ما سنتعرف إليه في هذا المقال.
ما هي الصفراء؟
هي حالة شائعة لدى حديثي الولادة، تصل نسبة الإصابة بها إلى 60% من إجمالي الأطفال. يتلون الجلد والعينين باللون الأصفر نتيجة تراكم مادة “البيليروبين” في الدم.
مادة البيليروبين هي مادة كيميائية تنتج من التكسر الطبيعي لخلايا الدم الحمراء، في الحالة الطبيعية يزيلها الكبد من الدم ويمررها للأمعاء لإخراجها من الجسم.
في الأغلب تختفي معظم أنواع الصفراء من تلقاء نفسها في غضون من أسبوعين إلى ثلاث أسابيع، لكن قد يتطلب الأمر العلاج في بعض الأحيان.
أسباب حدوث الصفراء عند حديث الولادة
تتحلل بعض خلايا الدم الحمراء بشكل طبيعي يوميًا وتنتج مادة (البيليروبين). يعمل الكبد على تنقية الدم منها في الأطفال والبالغين، أما حديثي الولادة لا يعمل الكبد بكامل كفائته فيصبح غير قادر على أداء وظيفته لتنقية الدم من هذه المادة بشكل كامل.
كذلك فإن حديث الولادة يمتلك خلايا دم أكثر من البالغين، لا تدوم هذه الخلايا لفترة طويلة؛ إذ يكون عمرها بين 70-90 يوما (أقصر عمرا من خلايا دم البالغين إذ تبلغ 120 يوما)، فتتكسر سريعا وينتج المزيد والمزيد من مادة البيليروبين؛ مما يؤدي إلى تراكمها بالدم أسرع من قدرة الكبد على تنقية الدم منها.
تزداد احتمالية إصابة حديث الولادة بالصفراء للأسباب التالية:
- الولادة المبكرة (الأطفال المولودين قبل الأسبوع 37 من الحمل)
- عدم الحصول على كمية كافية من حليب الأم أو الحليب الصناعي.
- عدم توافق فصيلة دم المولود والأم (إذا كانت فصيلة دم الأم O أو Rh-negative).
قد توجد أيضًا بعض الأسباب المرضية مثل:
- التهابات بكتيرية أو فيروسية.
- نزيف داخلي أو كدمة دموية.
- انخفاض مستوى الأكسجين في الدم.
- أمراض الكبد.
- خلل وراثي في خلايا الدم الحمراء.
أنواع الصفراء
تختلف أنواع الصفراء باختلاف المسبب لها، نذكر فيما يلي بعضا منها:
- الصفراء الفسيولوجية
أكثر أنواع الصفراء شيوعا في حديثي الولادة، تنتج الصفراء عن عدم أداء الكبد لوظيفته بشكل كامل في تنقية الدم من مادة البيليروبين وإخراجها من الجسم. عادة ما تظهر في اليوم الثاني أو الثالث من الولادة وتختفي في الغالب من تلقاء نفسها بعد أسبوع أو أسبوعين.
توصي الجمعية الأمريكية لطب الأطفال بفحص الصفراء عند حديثي الولادة قبل الخروج من المستشفى ومرة أخرى عندما يبلغ الصغير 3-5 أيام.
- الصفراء التكسيرية
يحدث هذا النوع من الصفراء إذا كانت فصيلة دم الأم غير متوافقة مع مولودها؛ إذ يكوّن دم الأم أجسام مضادة تهاجم خلايا دم الصغير، مما يؤدي إلى انحلالها السريع.
يحدث في حالتين، إما أن تكون فصيلة دم الأم O وصغيرها فصيلة دمه نوع أخر، أو تكون الأم عامل Rh لديها سلبي والمولود موجب، يمكن تجنب ذلك من خلال جرعات تؤخذ في أثناء الحمل.
- صفراء نتيجة حليب الأم
غالبا ما يظهر هذا النوع في نهاية الأسبوع الأول، إذ تكون الصفراء بسبب حليب الأم، لا يعرف سبب محدد بعد، لكن يعتقد العلماء أنه نتيجة بعض المواد في الحليب تؤثر على كيفية معالجة الكبد لمادة البيليروبين.
عادة ما يتم تشخيص هذا النوع باستبعاد الأسباب الأخرى، تتحسن مستويات البيليروبين ببطء خلال 3-12 أسبوعا.
- صفراء نتيجة قلة الرضاعة الطبيعية
تحدث الصفراء هنا نتيجة نقص معدلات الرضاعة الطبيعية، سواء نتيجة انخفاض مستويات إدرار الحليب لدى الأم أو معاناة الطفل مشكلة في الرضاعة، وهي صفراء فسيولوجية تتحسن مع زيادة معدلات الرضاعة.
أقرأ أيضًا: فوائد الرضاعة الطبيعية | الغذاء السحري لطفلِك
كيفية علاج الصفراء عند حديث الولادة
لا تحتاج أغلب الحالات إلى علاج، لكن عند اللجوء إليه يعتمد نوع العلاج على عدة عوامل منها:
- مستوى البيليروبين في الدم.
- مدى سرعة زيادة مستويات البيليروبين.
- إذا كان الطفل ولد مبكرا (مبتسرًا)
تساعد الرضاعة الطبيعية من 8-12 مرة في اليوم على زيادة قدرة الجسم للتخلص من مادة البيليروبين، في حالة الصفراء الناتجة عن نقص الرضاعة قد يقترح الطبيب تناول مكملات غذائية مع ضرورة المتابعة مع استشارية رضاعة طبيعية لتجنب مشكلات الرضاعة في هذه المرحلة.
في حالة ارتفاع مستويات البيليروبين بصورة كبيرة يمكن علاج الصفراء عند حديث الولادة كما يلي:
- التغذية الوريدية: لزيادة السوائل بالجسم إذ إن فقدان السوائل يؤدي إلى ارتفاع مستوى البيليروبين.
- العلاج الضوئي: من أشهر وسائل علاج الصفراء عند حديث الولادة، يستلقي الطفل على سرير خاص تحت إضاءة بطيف ازرق مرتديا الحفاض فقط، إذ يساعد الضوء في تكسير مادة البيليروبين، مما يسهل خروجها من الجسم.
- نقل الدم: في الحالات الشديدة غير المستجيبة للعلاج الضوئي يمكن نقل كميات قليلة من الدم، لاستبدال خلايا الدم التالفة بخلايا دم سليمة.
أخيرا، عزيزتي الأم يجب قياس الصفراء بانتظام في الفترة الأولى من حياة المولود، كذلك يجب استشارة الطبيب لمعرفة السبب الرئيس وعلاج الصفراء عند حديث الولادة بطريقة صحيحة كي تتجنبي أي مشكلات يمكن أن تنتج عن زيادة مستويات الصفراء.
One comment
Pingback: الشعور بالذنب تجاه الرضاعة الصناعية.. متى ينتهي ذلك الصراع؟ وكيف نتخلص منه