الكثير والكثير من نظرات الاتهام بالتقصير! كلما أخبرت أحدًا أني لا أرضع طفلي طبيعيًا، ظهرت تلك النظرة وذلك الوصم الذي يكاد يفطر قلبي من قسوته. أشعر بالذنب تجاه طفلي على الرغم من عدم قدرتي على تغيير هذا الوضع.
ماذا إن كانت الرضاعة الطبيعية لا تناسب حالتي الصحية أو لا تناسب نمط حياتي؟ أليس لي الحق في اختيار الأنسب لي دون أن يشعرني الجميع بأني مقصرة في حق طفلي؟
بلى -عزيزتي-، إن لكل أم حق اختيار ما هو أنسب لها ولطفلها بعد استنادها إلى رأي الطبيب المختص وتسليحها بالعلم الكافي.
في هذا المقال، نستعرض لكِ كل ما تحتاجين معرفته عن الرضاعة الصناعية؛ فوائدها وأضرارها وكيفية التعامل مع الشعور بالذنب تجاه الرضاعة الصناعية.
لماذا تفضل الأمهات الرضاعة الصناعية؟
تختلف الأسباب التي تجعل الكثير من الأمهات يفضلن الرضاعة الصناعية عن الرضاعة الطبيعية باختلاف أنماط حياتهن، ولعل أبرز تلك الأسباب هي:
- سهولة الاستخدام نسبيًا؛ فبإمكان الأب أو أحد أفراد الأسرة الآخرين تحضير اللبن الصناعي وإطعام الطفل بسهولة.
- المرونة؛ حيث تغنيكِ الرضاعة الصناعية عن الالتزام بأوقات محددة لضخ اللبن من ثدييك، مما يجعل وقتك أكثر مرونة.
- عدم الاضطرار إلى الالتزام بالنظام الغذائي الخاص بالمُرضع، فالأم التي تُرضع طفلها طبيعيًا يجب عليها اجتناب بعض الأطعمة التي قد تضر طفلها.
الحالات الطبية التي تستدعي الرضاعة الصناعية
قد يرشدك طبيبك الخاص إلى الحليب الصناعي في بعض الحالات، أبرزها:
- عند ولادة الطفل مبكرًا قبل إتمام الشهر التاسع أو عند انخفاض وزن الطفل عند الولادة.
- عدم قدرة الطفل على التقام الثدي والرضاعة بشكل صحيح.
- في بعض الحالات النادرة، قد لا يدر ثدي الأم اللبن بالشكل الكافي للطفل.
- إذا كان طفلك يعاني الصفراء أو نقص مستوى السكر في الدم بشكل ملحوظ.
أضرار الرضاعة الصناعية
على الرغم من حتمية اللجوء إلى الرضاعة الصناعية في بعض الحالات، إلّا أن لها بعض المساوئ؛ مثل:
- ارتفاع تكلفتها نسبيًا؛ فبالإضافة إلى تكلفة اللبن الصناعي، تحتاجين إلى شراء زجاجة الرضاعة الأنسب (الببرونة) ومعقم وفرشاة خاصة لتنظيفها جيدًا.
- خلو اللبن الصناعي من الأجسام المضادة التي يتمتع بها لبن الأم ويعزز مناعة الطفل.
- ضرورة المحافظة على نظافة أي أدوات عند تحضير اللبن الصناعي؛ حتى لا نجعل الطفل عرضة للميكروبات والأمراض.
- قد يأخذ تحضير اللبن الصناعي بعض الوقت والجهد.
- قد تؤثر الرضاعة الصناعية على علاقتك بطفلك، إذا أهملتِ ذلك الجانب ولم تعبّري لطفلك عن حبك ولم تُشعريه بالحنان.
اقرأ أيضًا: متى تلجأ الأم للرضاعة الصناعية بضمير مرتاح؟
لماذا ينتاب الأمهات الشعور بالذنب تجاه الرضاعة الصناعية؟
قد تشعر العديد من الأمهات اللاتي اضطررن اللجوء للرضاعة الصناعية بالذنب والتقصير تجاه الطفل نتيجة عدة عوامل، منها:
- الضغط المجتمعي ونظرة العديد من الأمهات لها التي تتهمها بالتقصير.
- خوف الأم على مناعة طفلها؛ فإن الرضاعة الطبيعية -بلا شك- تعزز مناعة الطفل، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن الطفل الذي يرضع صناعيًا تكون مناعته ضعيفة، خاصة إذا اهتمت الأم بالتطعيمات وبالنظافة عمومًا.
- شعور الأم بالعجز لعدم تلبية الاحتياجات الأساسية لصغيرها وتغذيته.
- خوف الأم من عدم ارتباط الطفل نفسيًا بها.
كيف أتغلب على الشعور بالذنب تجاه الرضاعة الصناعية؟
على الرغم من قسوة ذلك الشعور، إلّا أنه يمكنك التغلب عليه باتباع بعض النصائح:
- تذكري لماذا لجأتِ للرضاعة الصناعية منذ البداية، بالتأكيد لديكِ دافع لذلك، سواء مشكلات صحية أو دوافع تلائم ظروف حياتك.
- لا تؤرقي ذهنك بآراء الآخرين، يمكنك توضيح أسبابك للأقربين إذا شعرتِ أنكِ ترغبين في ذلك، لكنك لست مضطرة للتبرير.
- لا تظني أن الرضاعة الطبيعية هي دورك الأوحد تجاه طفلك، وأنكِ أخللتِ بذلك بلجوئك للرضاعة الصناعية؛ فإن ذلك يفاقم الشعور بالذنب تجاه الرضاعة الصناعية. تأكدي من قدرتك على تعويض ذلك الشعور برعاية طفلك والاهتمام به وإيصال حبك له.
نصائح عند إدخال اللبن الصناعي
للحصول على أكبر فائدة من اللبن الصناعي للطفل ولتجنب أي أضرار للرضاعة الصناعية، إليكِ بعض النصائح:
- لا تستعجلي الأمر، أعطِ لنفسك ولطفلك الوقت الكافي للوصول لأفضل وضع وأفضل وقت للرضاعة الصناعية.
- احرصي على نظافة وتعقيم جميع الأدوات التي تستخدمينها في تحضير اللبن الصناعي؛ حتى تقي طفلك الأمراض.
- تعرّفي على علامات جوع الطفل حتى تجعلي الأمر أسهل عليكِ.
- تخلصي من الشعور بالذنب تجاه الرضاعة الصناعية؛ حتى لا يؤثر ذلك بالسلب عليكِ وعلى صغيرك.
أخيرًا
إن الرضاعة الطبيعية -بلا شك- لها فوائد جمة لكِ ولطفلك، لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد بعض الضرورات الصحية وبعض أنماط الحياة التي تستدعي اللجوء للرضاعة الصناعية، فلا تتركي الشعور بالذنب تجاه الرضاعة الصناعية يتسلل إليك ما دمتِ ترين أنها الخيار الأمثل لكِ بعد استشارة طبيبك الخاص.
المصادر