fbpx

نظرية التعلق السلوكي | كيف نؤثر على أطفالنا للأبد؟

كتبت: سلمى شعير

كأمهات نراقب أطفالنا في سنواتهم الأولى بكل حب. كل خطوة وابتسامة هي لحظات عظيمة لا تقدر بثمن. 

لما كانت معرفة ما يمر به طفلنا في سنواته الأولى هي شغلنا الشاغل. فيجب إذن معرفة كيف ولماذا يتصرف طفلنا بهذه الطريقة أو تلك خصوصًا في سنوات عمره  الأولى.

لهذا يتناول هذا المقال نظرية التعلق السلوكي وبعض المفاهيم المرتبطة بها وأهميتها.

مفهوم التعلق السلوكي 

هو الروابط العاطفية التي تنشأ بين الطفل ومقدم الرعاية، وتعتمد على حاجتهم إلى الأمن والأمان والحماية للطفل، حيث تكون هذه المتطلبات مهمة في مراحل نموه الأولى.

مع أن الأبوين هم مقدمي الرعاية بشكل أساسي، إلا أن الأطفال يمكن أن يتعلقوا بآخرين بناء على التفاعل الحاصل بين الطفل وبين الشخص.

حيث يحدد الطفل من يتعلق به بناء على تفاعله معه، وتقديم الرعاية والاهتمام له. 

تعزو تلك النظرية إلى الطبيب والمحلل النفسي “جون بولبي”. حيث قام بعمل عدة دراسات على الأيتام في الحرب العالمية الثانية، لفهم تأثير العلاقات العاطفية بين مقدمي الرعاية والأطفال على تعلق الأطفال بهم.

توصل “بولبي” في النهاية إلى  أن الأطفال المتروكون دون رعاية واهتمام في البداية، يصلون إلى مرحلة “اللا تعلق”. حيث يصبح الطفل غير مكترث بمقدمي الرعاية، ويمكن أن يظهر الاهتمام لأي شخص. 

مراحل التعلق المختلفة

لاقت النظرية استحسان الكثير من العلماء حتى إن بعضهم عمل على تطويرها.  كما شرحها عدة علماء آخرون، موضحين بعض المفاهيم الجديدة والمهمة لكل أم.

 حدد علماء النفس “ردولف شيفر” و”ريتشارد إيمرسون” أربع مراحل متميزة من التعلق، بما في ذلك: 

  • المرحلة الأولى: منذ الولادة وحتى عمر ثلاثة أشهر، حيث لا يظهر الأطفال أي ارتباط بمقدم رعاية معين.
  • التعلق العشوائي: بين 6 أسابيع وسبعة أشهر، حيث يبدأ الأطفال في إظهار تفضيلاتهم لمقدمي الرعاية الأولية (الآباء) ومقدمي الرعاية الثانوية (الأشقاء والأجداد). 

يطور الأطفال الثقة في أن مقدم الرعاية سوف يستجيب لاحتياجاتهم، بينما لا يزالون يقبلون الرعاية من الآخرين. 

في هذه المرحلة، يبدأ الأطفال في التمييز بين الأشخاص المألوفين وغير المألوفين، والاستجابة بشكل أكثر إيجابية لمقدم الرعاية الأساسي. 

  • التعلق التمييزي: في هذه المرحلة، من حوالي 7 إلى 11 شهرًا من العمر. يظهر الأطفال ارتباطًا قويًا وتفضيلاً لفرد واحد محدد. 

فيحتج طفلك عند فصله عن الشخصية الأساسية التي يتعلق بها وهي في الأغلب الأم.

لذلك منح الطفل الرعاية والاهتمام منذ نعومة أظافره وإلى عمر خمس سنوات هو أمر مهم وضروري. حتى ينعم الطفل بحياة عاطفية مستقرة. 

أنماط التعلق السلوكي

لهذا حددت العالمة والطبيبة نفسية “ماري اينسوورث” عدة أنماط للتعلق عبر قيامها بدراسة على الأطفال ومقدمي الرعاية. 

حيث قامت بدراسة تصرفات مجموعة من الأطفال تجاه أمهاتهم بمفردهم، وتجاه الأم في وجود سيدة غريبة، وفي وجود السيدة الغربية بمفردها مع الطفل.

 ومن هنا وجدت “اينسوورث” عدة أنماط للتعلق وهم: 

  • التعلق التجنبي: يميل هؤلاء الأطفال إلى تجنب الوالدين أو مقدمي الرعاية ولا يظهرون تفضيل بين والشخص الغريب.
  • النمط المتناقض: يصاب هؤلاء الأطفال بضيق شديد عند مغادرة أحد الوالدين، ويعد نمط غير شائع بين الأطفال.
  • النمط غير المنتظم: يظهر هؤلاء الأطفال مزيجاً محيراً من السلوك، ويبدون مرتبكين أو مذهولين. قد يتجنبون أو يقاومون الأم.

لا يوجد نمط محتمل في هذه الحالات فقد يكون الوالدين مصدر للأمان والخوف معًا، مما يؤدي إلى سلوك غير منتظم.

  • التعلق الآمن: بالرغم من انزعاجهم، فإن الأطفال الذين يمكنهم الاعتماد على مقدمي الرعاية يظهرون الضيق عند الانفصال، كما يشعرون بالاطمئنان عند عودة مقدمي الرعاية. 

نظرية التعلق السلوكي وتأثيرها على الأطفال

تشرح نظرية التعلق السلوكي كيف يمكن للعلاقات العاطفية بين الأبوين وأطفالهم منذ البداية أن تؤثر على علاقتهم العاطفية في المستقبل، وعلى نموهم النفسي الصحيح. 

حيث تشير البحوث إلى أن الفشل في تكوين روابط آمنة في وقت مبكر من الحياة، يمكن أن يكون له تأثير سلبي على السلوك في المستقبل.

أقرأ أيضًا: التربية بين الحزم والحنان

فالأطفال المصابون باضطراب العناد الشارد أو اضطراب ما بعد الصدمة، أو اضطراب السلوك، كثيراً ما يظهرون مشكلات التعلق، ربما بسبب سوء المعاملة المبكر أو الإهمال أو الصدمة.

التعلق السلوكي

يميل أولئك الذين يرتبطون بأمان في مرحلة الطفولة إلى التمتع بتقدير جيد للذات، بالإضافة لقدرتهم على إقامة العلاقات الرومانسية القوية.

 أما المرتبطين بشكل آمن كرضع، فيميلون إلى تنمية احترام الذات بشكل أقوى والاعتماد على النفس بشكل أفضل مع تقدمهم في السن. 

يميل هؤلاء الأطفال أيضاً إلى أن يكونوا أكثر استقلالية ولديهم أداء أفضل في المدرسة وعلاقات اجتماعية ناجحة فيكونوا أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب لاحقاً. 

أخيرًا، أطفالنا يتأثرون بكل ما نفعل، حتى أصغر الأفعال تؤثر بهم ويمكنها تغيير مستقبلهم للأفضل. ولأننا حصن أمانهم الأول، يجب أن نرى تعلقهم بنا من منظور الحب والرعاية الواجبة علينا كآباء تجاه أطفالنا، خاصة في بداية عمرهم.

المصادر: 

britannica

verywellmind

positivepsychology

اترك رد