كتبت: مارينا جوزيف
إن تربية طفل سعيد يشعر بالأمان غاية للوالدين. فالطفل السعيد هو في الأغلب راشد يستطيع أن يدير حياته، ويحقق ذاته ويحيا حياة مستقرة.
في بداياتي مع الأمومة قابلني منشور على موقع التواصل الاجتماعي يقول “الطفل اللي أهله حبوه، أسعد من اللي أهله ربوه”. هذا المنشور طرح عليَّ عشرات الأسئلة، وتحدى قناعات كانت راسخة عندي.
حينما بدأت البحث عن إجابة كيف تربي طفل سعيد ، قرأت عشرات المقالات، إلى جانب مئات الصفحات التي تقدم محتوى عن التربية بكل مناهجها، حتى توصلت إلى عدة إجابات.
كيف تربي طفل سعيد
إليك -عزيزي القارئ- مجموعة من أهم النصائح التي تتعلم منها كيف تربي طفل سعيد وتسعد معه وبه.
1. أسرة سعيدة = طفل سعيد
لا يمكن أن تعرف كيف تربي طفل سعيد من دون أن يشعر طفلك أولاً بالأمان. ولا يمكن أن يشعر الطفل بالأمان في أسرة مضطربة، فالأب السعيد يستطيع أن يقنع طفله بالتفاؤل، والأم الإيجابية تستطيع أن تعلم طفلها حديثًا ذاتيًا إيجابيًا.
صورة الأب والأم المتفاهمان هي التصور الأول الذي ينغرس في وجدان الطفل عن العالم والعلاقات. هناك عبارة أتذكرها على الدوام “أطفالنا يعيشون مثلما نعيش، وليس كيفما نريد””.
فكلما تمرَّنا على طريق الفرح والسعادة، وكلما نمت عضلات الإيجابية والتفاؤل عند الوالدين، استطعا أن يضعا طفلهما على الطريق ذاته.
2. ضع الضوابط، استخدم التأديب، ولكن تخلى عن الكمال
إن وضع ضوابط وحدود للطفل يعزز من شعور الطفل بالأمان، ويساعده أن ينمو راشدًا منضبطًا قادرًا على إدارة حياته. واستخدام التأديب لتعديل السلوكيات السلبية بعيدًا عن العنف البدني والمعنوي، يجعل طفلك قادرًا على مواجهة الحياة.
لكن عليك وأنت تضع القوانين وتمارس التأديب أن تكون واقعيًا في توقعاتك من طفلك؛ فلكل مرحلة عمرية قدراتها وتحدياتها، ليس فقط للوالدين بل للطفل أيضًا.
عليك وأنت تدرب وتؤدب أن تشجع الجهد والمحاولة ولا تتوقع طفلًا كاملًا بلا عيوب ولا أخطاء، لئلا تُرهق نفسك وطفلك بلا جدوى.
3. التربية الوجدانية
التربية الوجدانية هي تدريب الطفل على تطوير ما يسمى بالذكاء الوجداني. والذكاء الوجداني هو مقدرة الشخص على أن يقود مشاعره ويروضها، وهي من أهم الطرق التي تسلكها لتعرف كيف تربي طفل سعيد، وتتكون التربية الوجدانية من خمسة مكونات وهي:
- التعرف على المشاعر والتعبير عنها.
- مهارة التعرف على مشاعر الآخرين والتفاعل معها.
- إدارة المشاعر.
- القدرة على التحفيز الذاتي.
- مهارة إقامة علاقات اجتماعية سليمة، فيما يُعرف بالذكاء الاجتماعي.
لا يمكن أن تعلم أطفالك إدراك مشاعرهم، إلا إذا استطعت أنت أن تفعل الأمر نفسه، وتعيشه بشكل معتاد أمامهم.
4. عزز ارتباطك بطفلك
إذا أردت إن تعرف كيف تربي طفل سعيد، فعليك إن تعرف أن الطفل السعيد يحتاج إلى خلق ترابط قوي ومتين معه منذ أيامه الأولى؛ فالإنسان عمومًا والطفل على وجه الخصوص يحتاج إلى أن يرتبط بأحدهم وينتمي إليه، وأن يكون مقبول لذاته وليس إنجازه أو حسن سلوكه.
تبدأ العلاقة منذ أيام الحمل تنمو وتزدهر بالاهتمام والاستثمار الواعي للوقت، تبدأ في أثناء الحمل، أولاً بقبول وجود هذا الجنين، ثم قبول نوعه، وبالتحاور معه وإرسال رسائل الحب المستمرة له.
ثم بملامسته بعد الولادة وإرضاعه والغناء له واللعب معه خلال الاستحمام والتجاوب السريع لبكائه، وبحمل الرضيع قدر الامكان وتدليله واحتضانه (وليس كما يظن البعض أن كثرة الحمل تفسد الطفل).
أقرأي أيضًا: نظرية التعلق السلوكي | كيف نؤثر على أطفالنا للأبد؟
في المراحل التالية عليك قضاء وقت كافي معه، يقوده هو بنفسه بين اللعب والقراءة ومشاهدة الأفلام والخروج والتحدث سويًا، وتتخلى في هذه الأثناء عن التوجيه والانتهار والوعظ والتأنيب.
أخيرًا عبر عن محبتك لطفلك باستخدام لغة / لغات الحب الخاصة به. عبر بوضوح وباستمرار، بالكلام واللمس والأحضان والقبلات وتمضية الوقت والهدايا.
5. عزز ثقة الطفل في نفسه
تعد ثقة الطفل في نفسه عنصر أساسي في سعادته، فالثقة بالنفس هي الطريق لخلق شخص غير متردد لا يخشى الرفض وقادرًا على إعادة المحاولة بلا يأس.
حتى يكون طفلك واثقًا عليك أولاً أن تركز معه على المحاولة وليس النتائج، بل والأكثر من ذلك أن تسمح له بالفشل حتى يدرك أن الفشل ليس نهاية المطاف لكنه بداية لطريق جديد.
لذلك تذكر على الدوام أن طفلك في حاجة إلى التشجيع على الاجتهاد والمحاولة وليس على النتيجة والإنجاز.
حتى تعزز ثقة طفلك بنفسه عليك بالآتي:
- استخدم قدرًا مناسبًا من التشجيع وليس المديح.
- استغل الفرص على الدوام لتشجيعه.
- حاول التركيز على مزاياه وصفاته الجيدة ومهاراته وحسن سلوكه، حتى يتضخم الجانب الإيجابي في شخصيته بالتدريج ويشكل النسبة الأكبر من صورته الذهنية عن نفسه، بينما يتضاءل حجم العيوب في الصورة.
إضافةً إلى ذلك، فإن نمو ثقة الطفل في نفسه يتحقق عن طريق منحه قدرًا من المسؤوليات حسب المرحلة العمرية. لأن إنجاز تلك المسؤوليات تزيد من ثقته بنفسه لشعوره بالإنجاز الحقيقي الملموس.
6. كثير من الـ”نعم” قليل من الـ”لا”
لتعرف كيف تربي طفل سعيد عليك بالموازنة بين الكثير من الأمور. كثير من المنع يشعر الطفل بالكبت والتضييق، بينما كثير من القبول والموافقة مع وضع حدود متزنة تشعر الطفل بالحرية، وتجعله أكثر تقبلًا لقول “لا” الضرورية.
كثيراً ما تكون “لا” هلى الحل الأسهل لنا، لكنها تحرمهم الكثير من فرص اللعب والتعلم والاستكشاف. عليك في كل مرة قبل أن تقول “لا” أن تسأل، هل هذا في مصلحتهم أم مصلحتي؟ فتهيئة بيئة نفسية ومكانية تستوعب الطفولة، وخلق فرص للعب والتعلم هي مسئولية الوالدين.
7. كثير من اللعب والأنشطة المشتركة، قليل من الشاشات
عندما تسأل كيف تربي طفل سعيد، حتمًا سيتبادر إلى ذهنك كإجابة أولى، باللعب. والحقيقة أن اللعب هو الطريقة المثلى لتنفيس الطاقة والتعلم والتفاعل مع البيئة والأشخاص المحيطين.
بينما الجلوس لوقتٍ طويل أمام الشاشات يؤذي الأطفال، ويعطل كثير من مهاراتهم العقلية والحركية، ويخلق منهم كائنات متلقية وغير قادرة على التواصل مع المحيطين.
أقرأي أيضًا: أضرار الأجهزة الإلكترونية | “طفلي في خطر”
الأنشطة المشتركة أيضًا مجالًا عظيمًا، أولًا للتواصل مع طفلك، وثانياً هي مجالًا لتعليم طفلك الأخلاق والمبادئ والقيم الجوهرية بواسطة القدوة وبدون كلام ومبالغات.
العب مع طفلك وشاركه الأنشطة المختلفة، فهي أعظم الفرص لخلق قنوات تواصل آمنة وفعالة وسهلة مع الطفل، كما أنها من أعظم الوسائل لعمل رصيد من الذكريات الرائعة التي تبقى في وجدان طفلك.
8. لتكن لكم قضية مشتركة
أثبتت الدراسات أن الوصول لإجابة سؤالك “كيف تربي طفل سعيد” تأتي إجابتها في كلمة مهمة ورائعة وهي “العطاء”، فالعطاء هو أحد ركائز السعادة، والأسر التي تمارس التطوع أو الأعمال الخيرية معًا هي أسعد من تلك التي لا تفعل.
إن تبني قضية مشتركة يسهم في اكتشاف معنى الحياة، ويساعد المرء على أن يكون فاعلًا ومؤثرًا، فزيارة الملاجئ أو دور المسنين، أو زرع الأشجار للحفاظ على البيئة، أو التشجيع على القراءة تعد أمثلة لمئات القضايا التي يمكنكم تبنيها سوياً لتعليم طفلك أسرار العطاء وجماله.
المصادر:
1- كتاب خطوة لقدام دكتور أوسم وصفي، (القاهرة: دار أوفير الطبعة العربية الثالثة، 2017).
2- parents
4- ahaparenting
كلام هايل جدا