fbpx

الباراسيتامول للحامل | دور المسكنات في الإصابة بالتوحد

كتبت: د. تقى خالد

لا شك أن مادة الباراسيتامول بكافة صورها أكثر أنواع المسكنات استخدامًا وأكثرها شيوعًا. خاصة بين النساء الحوامل؛ لما لها من تأثير فعَّال في تخفيف الآلام وأنها -بحسب ما نعتقد- تتصدر قائمة الأدوية الآمنة خلال الحمل.

لكن، هل الباراسيتامول بالفعل آمن لي ولطفلي خلال الحمل؟ هل يمكنني استخدامه بشكل مطلق للسيطرة على أي ألم أشعر به؟ أليس له تأثير على نمو طفلي بأي شكل؟

الكثير من الأسئلة تشغلك فيما يتعلق بشأن تناول الباراسيتامول للحامل وتحتاج إلى إجابات وتفسيرات.

 في السطور القادمة، سنعرض لكِ ما تودين معرفته عن الباراسيتامول للحامل؛ مدى فعاليته و تأثيره عليكِ وعلى جنينك.

الباراسيتامول للحامل

ما الباراسيتامول؟

الباراسيتامول مادة مسكّنة وخافضة للحرارة تُستَخدم لتخفيف الآلام الخفيفة والمتوسطة، مثل: صداع الرأس وآلام الأسنان وآلام العضلات والمفاصل وغيرها.

تلقى مادة الباراسيتامول رواجًا كبيرًا وانتشارًا بين العديد من الفئات؛ لما لها من تأثير فعًال في تخفيف تلك الآلام وأنها مادة آمنة نسبيًا عند تناول الجرعات المناسبة، بالإضافة إلى توافرها في معظم الصيدليات. 

هل الباراسيتامول آمن خلال الحمل؟

على عكس ما نعتقد، فإن الباراسيتامول ليس آمنًا بشكل مطلق خلال الحمل. 

بحسب الهيئة العامة للدواء والغذاء (FDA)، فإن مادة الباراسيتامول تُصنَّف ضمن الفئة (B)؛ أي أنها آمنة على حيوانات التجارب، لكن لم نتمكن -حتى الآن- من التأكد من سلامتها على الإنسان؛ لعدم توافر الدراسات السريرية الكافية.

وبحسب ذلك التصنيف يُمكن استخدام الأدوية المُتضمَّنة في الفئة (B) بأمان فقط في حالة وجود مدعاة طبية تحت إشراف الطبيب المُعالِج.

تأثير تناول الباراسيتامول على إصابة الأطفال بالتوحد وفرط الحركة

تشير بعض الدراسات الحديثة إلى وجود صلة بين تناول الباراسيتامول للحامل وحدوث بعض الاضطرابات للطفل لاحقًا. مثل: اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) واضطراب طيف التوحد (ASD) وزيادة عوامل الخطر الخاصة بحدوث أزمات الربو وغيرها من الاضطرابات المختلفة؛ خاصة  اضطرابات نمو الجهاز العصبي.

وبحسب تلك الدراسة التي أُجريَت على أكثر من سبعين ألف طفل من دول عدّة حول العالم، فإن الأطفال الذين تعرضوا لمادة الباراسيتامول نتيجة تناول الأم لها خلال فترة الحمل كانوا أكثر عُرضة للإصابة باضطراب طيف التوحد (ASD) بنسبة ١٩٪ مقارنة بالأطفال الذين لم يتعرضوا لها.

كما تشير الدراسة نفسها أن تعرض الطفل لمادة الباراسيتامول يرفع احتمالية حدوث اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) بنسبة ٢١٪.

بالتأكيد تطرُق ذهنك بعض الأسئلة؛ أليس اضطراب فرط الحركة واضطراب طيف التوحد اضطرابات چينية؟ كيف لها أن تحدث نتيجة تناول الباراسيتامول خلال الحمل؟

تتجه العديد من الدراسات الحديثة إلى التركيز على دور بعض العوامل الخارجية  التي تؤثر في احتمالية حدوث تلك الاضطرابات. فبالإضافة للعامل الچيني، لا يمكن غض الطرف عن العوامل الخارجية المؤثرة، مثل: تناول الأدوية التي تؤثر على النمو العصبي للجنين.

جرعات الباراسيتامول الآمنة خلال الحمل

منذ سنين عدّة، تعتبَر جرعة الباراسيتامول للبالغين آمنة للحامل. على ألّا تتجاوز الجرعة القصوى ٤ جرامات يوميًا؛ لتجنب المضاعفات غير المرغوب فيها للأم وجنينها.

لكن بالأخذ في الاعتبار لتلك الدراسات الحديثة التي تشير إلى وجود صلة بين تناول الباراسيتامول للحامل واضطرابات نمو الجنين. يجب عليكِ تجنب تناول الباراسيتامول إلّا في حالة وجود ضرورة طبية يحددها طبيبك الخاص استنادًا على حالتك. 

هل يجب علي تحمل الألم والتوقف عن استخدام الباراسيتامول؟

الباراسيتامول للحامل

يتوقف ذلك القرار على العديد من العوامل التي يحددها الطبيب؛ فالأمر ليس بتلك البساطة. إن تحمل الألم الشديد -خاصة في أدوار البرد- وارتفاع درجة حرارة الحامل يؤثران بشكل سلبي على الجنين ونموه ويزيدان من احتمالية حدوث التشوهات الجنينية؛ لذا فاتخاذ قرار الامتناع عن المسكنات والأدوية العلاجية خلال الحمل ليس القرار الأمثل بشأن صحتك وصحة طفلك.

احرصي على استشارة طبيبك الخاص قبل اتخاذ أي قرار يخص تخفيف أي ألم لديكِ خلال الحمل وعن أفضل الأدوية المناسبة التي يمكنك تناولها بأمان.

أخيرًا، 

هل انتهى عصر تربع الباراسيتامول على عرش المسكنات الآمنة خلال الحمل؟

هذا ما تشير إليه نتائج الأبحاث الحديثة، لكن لا يمكننا الجزم بذلك سوى بانتظار ما ستكشفه لنا التجارب العلمية في السنين القادمة.

فبالرغم من توجه العلم الحديث لوجود صلة بين تناول الباراسيتامول للحامل وبعض اضطرابات النمو، إلّا أن الأمر يتطلب المزيد من التجارب والأبحاث، فما عليكِ حتى ذلك الحين إلّا توخي الحذر والبعد عن تناول أي أدوية خلال الحمل ما لم يكن هناك سبب طبي يستدعي ذلك ويحدده الطبيب المُعالِج.

المصادر:

eurekalert

pubmed

pubmed.ncbi

healthline.

اترك رد